عالم أزهري يحسم الجدل حول جواز تهنئة الإخوة الأقباط بأعيادهم (خاص)
تتصدر نهاية كل عام ميلادي تساؤلات قطاع عريض من المسلمين عن حكم الاحتفال بالكريسماس (رأس السنة الميلادية)، حيث يعد من أكثر الأسئلة انتشارًا في هذه الأيام بين عوام المسلمين، خاصة وأن كثيرًا من المتشددين دينيًا يحرمون التهنئة بالكريسماس ورأس السنة الميلادية، ولكن المؤسسات الدينية في مصر بمختلف هيئاتها تتصدى لهم، وتؤكد جواز تهنئة الإخوة الأقباط بأعيادهم.
وفي موضع الحديث عن مشروعية تهنئة المسلم أخيه القبطي بميلاد السيد المسيح فقد أكد الشيخ علي المطيعي، من علماء الأزهر الشريف أن احتفال المسلمين بميلاد السيد المسيح هو أمر مشروع لا حرمة فيه ما لم يخالف الاحتفال الشرع؛ لأنه تعبير عن الفرح به، كما أنَّ فيه تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من تقدير وتبجيل للسيد المسيح وأمه السيدة مريم عليهما السلام.
•حكم تهنئة الأقباط بميلاد السيد المسيح
وقال المطيعي في تصريح خاص لـ«مصر الآن»، أن المسلمين يؤمنون بأنبياء الله تعالى ورسله كلهم، ولا يفرقون بين أحد منهم، ويفرحون بأيام ولادتهم، وهم حين يحتفلون بها يفعلون ذلك شكرًا لله تعالى على نعمة إرسالهم هداية للبشرية ونورًا ورحمة، فإنها من أكبر نِعم الله تعالى على البشر.
وتابع: «تهنئة غير المسلمين من المواطنين الذين يعايشهم المسلم بما يحتفلون به؛ سواء في هذه المناسبة أو في غيرها؛ فلا مانع منها، خاصة إذا كان بينهم وبين المسلمين صلة رحم أو قرابة أو جوار أو زمالة أو صداقة أو غير ذلك من العلاقات الإنسانية؛ حيث يقول الله تعالى: «وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا» [النساء: 86].
وأضاف: «تهنئة الأقباط بأعيادهم ليس إقرارًا لهم على ما هم عليه، بل هي من البرِّ والإقساط الذي يحبه الله؛ وقال تعالى: «لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» [الممتحنة: 8].
•الدين الإسلامي دين تسامح وقبول للآخر
واستشهد المطيعي بعدد من مواقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع غير المسلمين وأشار: «دخلتْ المدينة، ذات ظهيرة من شتاء السنة السابعة للهجرة، قافلة قادمة من مصر، موجَّهة من طرف المقوقس القبطي صاحب الإسكندرية الذي أهدى إلى الرسول هدايا كثيرة وقبِلها صلى الله عليه وآله وسلم، فهذا دليل على سماحة الدين الإسلامي وقبول الهدايا والمباركات من غير المسلم ما دامت في الحدود التي تقبلها الشريعة ولا تغضب الله».
وذكر المطيعي موقفًا آخر للنبي حينما أبرم "وثيقة المدينة" أو "صحیفة المدینة" (أول دستور مدني في تاريخ الدولة الإسلامية، كُتب فور هجرة النبي محمد إلى المدينة المنورة، واعتبره المؤرخون والمستشرقون على مدار التاريخ الإسلامي، مفخرة من مفاخر الحضارة الإسلامية، ومَعلَمًا من معالم مجدها السياسي والإنساني)
وأوضح المطيعي: «الهدف من كتابة دستور المدينة هو تحسين العلاقات بين مختلف الطوائف والجماعات في المدينة، وعلى رأسهم المهاجرون والأنصار والفصائل اليهودية وغيرهم، حتى يتمكن المسلمون واليهود وجميع الفصائل بمقتضى الدستورـ من التصدي لأي عدوان خارجي على المدينة».
وفي نهاية حديثه مع «مصر الآن» أكد المطيعي أن بعض ممن يحرمون الاحتفالَ بميلاد سيدنا عيسى؛ يكونون مثقلين بصفة الكراهية وعدم قبول لكل ما هو مخالف لهم، مؤكدًا أن تهنئة الأقباط بأعيادهم هى مجاملة اجتماعية مطلوبة ومرغوبة، تؤكد مبدأ المواطنة فى بعده الثقافى، من حيث احترام التنوع الثقافى، والهويات الفرعية، والتمسك بقيمة التسامح، شريطة ألا تصاحب التهنئة مخالفة للشرع من خلال المبالغة في الاحتفال بارتكاب أفعال لا ترضي الله.